الاثنين، 19 ديسمبر 2016

لماذا ذواتنا تحب الظهور؟


 من أبرز الأشياءِ المسيطرة على العقل البشري هو دوران الأنا في فلك إظهار وجوده  في مُحيطه الاجتماعي ويعقبه بعد ذلك عدة خطوات تصعيدية في شق الطريق نحو هدفٍ منشود، «إظهار الذات»، إما في منصبٍ مرموق أو تخصص أكاديمي نادر لم يسبق إليه أحدٌ من مُحيطه الاجتماعي طريق مرهق للتركيبة النفسية الباحثة عن ذاتٍ واهمة سلفًا! فصنع الأشياء الحقيقة يتطلب قبل كل شيء «تركيبة نفسية تعي وتفرق ما بين الأماني  وما هو واقع»، فلذلك عندما يلتقي سحرُ إحساس الباحث عن ذاتٍ بدينامية عقله ينتشر في مُحيطه الاجتماعي موجة تأثيره البانورامي لدى من يلتقي به من الوهلة الأولى، فالأشياء تتداخل في مكنوناتها الدارجة؛ فيحصل نوع من الدافعية المستحسنة التي تستسيغها ذائقة إظهار الذات كل حينٍ، فالمجبول على إظهار ذاته كل هنيةٍ تجاذبه العواصف في عقله الباطن، فتارةً نراه بجزيئات معينة في ردات الفعل، وتارةً أخرى نلحظ في سكونه تثبيطًا عارمًا، وجميع هذه الأمور ترجع إلى بُنيته النشؤوية فالبيئة هي من تشكل المادة الخام في التركيبة النفسية للإنسان، فبها تتمحور ذات الإنسان، ويُسْقى مخزون معارفه بماء الحلول المعرفية التي بدورها تدفعه للاتخاذ قرارات  بناء على معطيات متوافرة من واقعه المحسوس، فالإنسان بتجريداته النفسية لا يستطع أن يُخفي ذاته المتوهجة الكامنة تحت مؤثرات الطموح والسلم الأخلاقي السائد بواقعه المعيش، فيحدث في داخله صراع عميق لحتمية الأخذ بالسير ما بين طريق الطموح «إظهار الذات»، واتباع القواعد الأخلاقية المجتمعية المُسلم بها اليوم بيدَ أن القابلية لهذه الأمور لم تعد دارجة بسبب التقلبات والتغييرات في أنماط العقل البشري، فكل عقدٍ يمضي تمضي معه ما آمنت به من أفكارٍ أو معتقدات، فالمجتمع الحداثي يُعاني حقيقةً من التغيير المستمر المستدام في شتى أفرع الحياة، بالإضافة للنظرة الشمولية للذات أو لتفاصيل غير مطعمة لمخزونه المعرفي.

    إختر :
  • أو
  • للتعليق
ليست هناك تعليقات:
أكتب التعليقات