إن الانسان بشكل عام دائما ما يتعرض لأفكار صادمة له أو على الأقل لا تتوافق مع معتقداته واتجاهاته الراسخة في ذهنه، فمن الصعب بعد الانفتاح الثقافي والتكنولوجي أن يتقوقع الإنسان في التعرض للأفكار التي تتوافق مع ذاته، وليس من السهل أن يعيش بمعزل عن أي أفكار مختلفة قد لا يتعرض لها.
وبعيدًا عن الأفكار المختلفة مع اتجاهاته، قد تتناقض سلوكيات الإنسان الظاهرة مع معتقداته الداخلية، أمور حياتية يتعرض لها معظمنا أو جميعنا.
إقرأ أيضا : قيم نفسك وإعرف هل أنت في الطريق الصحيح
كيف تتخلص من إدمان العادات السلبية
نظرية التنافر المعرفي
هو حالة من القلق والتوتر والشعور بعدم الراحة تنشأ لدى الإنسان عندما يتعرض لأفكار متنافرة ومختلفة مع معتقداته المسبقة، أو عندما يكون هناك اختلاف وصراع بين معتقداته وسلوكياته الظاهرة، و يؤكد Leon Festinger مؤسس النظرية أنه دائما ما يدفع ذلك التوتر الإنسان لإحداث تغيير ما في المعتقد أو السلوك للحد من هذا التنافر، ويمكن تلخيص ذلك التعريف على أنه هو الموقف الذي يحدث فيه تصارع واختلاف في الأفكار أو الاتجاهات أو السلوكيات، يدفع الإنسان للحد منه.
وتتوقف درجة التنافر المعرفي على عدة عوامل منها: مدى ارتفاع قيمة الاعتقاد الذي نؤمن به، فكلما زادت قيمة ذلك الاعتقاد كلما زادت نسبة التوتر الدافعة للتخلص من التنافر الناتج عن تعرضنا لأفكار مخالفة له، وفي هذا السياق يعد أحد العوامل التي يتوقف عليها التنافر هو موقف التأييد الاجتماعي للاعتقاد الذي يؤثر فيه عدد ومكانة الأشخاص الذين نتفق معهم في الرأي.
من أين جاءت ؟
يؤكد “ليون” أن هناك حاجة داخلية لدى الإنسان للتأكيد أن المعتقد و الشعور الداخلي يتسق مع سلوكياته الظاهرة، وفي كتابه “عندما تفشل النبوءة” كانت البدايات الأولى لتكوين النظرية، إذ ذهب “ليون” مع مساعديه إلى طائفة دينية ساد الاعتقاد بين أعضائها “بنبوءة” مفادها أن الفيضانات ستجتاح العالم وستدمر كل شيء ليكون 21 ديسمبر 1954 هو موعد نهاية العالم.
وذهب “ليون” مع فريقه البحثي ليحلل تصرفات أعضاء تلك الطائفة قبل ذلك التاريخ وبعده، فوجد أن الاعتقاد سائد ومتسع بشكل كبير عند الكثيرين هناك، لدرجة أن الناس بدأت في ترك وظائفها والتخلص من ممتلكاتها تمهيدا لتحقق النبوءة في تاريخها المحدد.
ولكن جاء ذلك التاريخ ولم يحدث شيء، وبدلا من أن تترك تلك الجماعات أفكارها الخرافية، فسروا ما حدث على أن قوة الخير جعلت أجَل العالم يتمدد، وربما يحصلون على نبوءة أخرى بميعاد جديد لنهاية العالم.
لماذا يدخنون رغم علمهم بخطورته ؟
كل المدخنين يعرفون الآثار الصحية الخطيرة الناتجة عن التدخين، ومع ذلك لا يقلعون عنه، والأكثر لفتا للانتباه أن بعض المدخنين هم من “الأطباء” الذين ينصحون المرضى بالتوقف عنه. لكن لماذا لا يقلعون عن التدخين إذا، لنحلل عناصر الصراع بشكل أكثر تحديدًا:
1- الاعتقاد الداخلي: أن التدخين مضر جدا بالصحة
2- السلوك الظاهر: الشخص لا يزال يدخن.
ويتحدث ليون عما يضعه الشخص المدخن من مبرررات ليستمر في التدخين برغم الضرر الناتج عنه، ليحد من التنافر المعرفي الناتج من أطراف الصراع، قائلا: ” لشخص الذي يستمر في التدخين بالرغم من إدراكه لخطره، يشعر بأن التدخين ممتع جدا لدرجة تستحق التضحية بالضرر الصحي الناتج عنه، يعتقد بأن التهديدات الصحية الناتجة عن التدخين ليست شديدة الخطورة كما يعتقد البعض، يعتقد بأنه حتى لو توقف عن التدخين سيزيد من وزنه وهذا يعادل الخطورة الصحية للتدخين، وبذلك فالاستمرار في التدخين بعد كل هذه المبررات يتسق مع أفكاره عن التدخين.”
الحل
ويمكن بلورة السبل والوسائل التي يستخدمها الإنسان للحد من التنافر المعرفي، في 5 وسائل رئيسية:
1- التركيز على الجوانب الداعمة لاعتقاده ومحاولة تجاهل الجوانب المتناقضة مع اعتقاده.
2- التقليل من أهمية الجوانب المتعارضة مع اعتقاداته.
3- تغييرالاعتقاد المتعارض لديه كي يصبح أكثر اتساقا مع الاعتقادات أو السلوكيات الأخرى.
4- إعادة النظر في الاتجاهات التي يتبناها الفرد.
5- التوقف تماما عن التفكير في الموضوع الذي يختلف مع اتجاهاته منعا للتوتر.
ليست هناك تعليقات:
أكتب التعليقات